ما الذى جمع بينهما ؟

وقائع هذه القصة حدثت بالفعل فى الولايات المتحدة الأمريكية فى الثمانينات من القرن المنقضى
وأكاد أجزم أنه مهما بلغت سعة خيال أعظم المؤلفين ما استطاعوا أن ينسجوا خيوطها بهذه البراعة التي نسج بها القدر وحده خيوط الأحداث حتى وصلتنا كما سأحكيها لكم
في الثمانينات من القرن العشرين وفى إحدى ولايات شرق أمريكا كانت هناك فتاة في العقد الثالث من العمر قد بدأ نظر عينيها يخبو شيئاً فشيئاً دون أن يعرف الأطباء سبب ما ألم بها من مرض وبعد حيرة شديدة ودون التوصل لنتيجة محددة قرر الأطباء إجراء عملية زرع قرنية فى كلتا العينين بدلا من المصابتين حيث تعذر إيجاد علاج لهما
ذهبت الفتاء لأحد بنوك العيون وطلبت إجراء العملية فأخبروها أن تنتظر دورها على قائمة الإنتظار الطويلة حتى يجدوا لها قرنية مماثلة لقرنيتها لتكون متوافقة حتى لا يلفظها الجسم فاضطرت للانتظار مرغمة وتعذرت الرؤية وانطفأ نور العين ولم يأت دورها بعد ولم يجدوا القرنية المناسبة لها
وعلى الجانب الآخر من المحيط وفى غرب أمريكا كان هناك شاب أيضا في العقد الثالث من العمر يعبر الطريق وإذا بسيارة مسرعة تقضى عليه وتهشمه ولاينجو منه سوى جمجمته وعينيه ومن أحد فروع بنك العيون الذى قدمت فيه الفتاة طلبها لإجراء العملية يأتى فاكس للمقر الرئيسى بأن هناك قرنية لشاب فقد حياته للتو وبتفتيش ملابسه وجدوا معه وصية بالتبرع بقرنية عينه بعد وفاته لبنك العيون هذا بالاسم وبالفعل تم إرسال القرنية إلى المقر الرئيسى والمفاجأة أنها كانت متوافقة تماما مع حالة الفتاة المعنية بالأمر ودخلت حجرة العمليات وتم إجراء العملية بنجاح وخرجت الفتاة للنور تسعد بحياتها الجديدة وتمارس نشاطها وكان اول شىء فكرت فيه هو زيارة منزل ذلك الشاب الذي تبرع بقرنيته لبنك العيون لتشكر أهله على ما قدموه لها وموافقتهم على تنفيذ وصية ابنهم وبالفعل توجهت إلى حيث يسكنون في غرب أمريكا وهى التى لم تترك ولايتها طيلة حياتها ولم ترى ذلك الشاب ولم يرها حتى مات
وهناك كانت تنتظرها أكثر من مفاجأة يصعب تصديقها
فعندما اسقبلوها أهله وجدتهم مرحبين بها في ذهول وعندما سألتهم عن السبب لم يتحدث أحد بل اصطحبوها إلى غرفة ذلك الشاب الذي قضى نحبه لتجد على الحائط فوق سريره صورة كبيرة لها كان قد رسمها بنفسه وكأنها كانت تجلس امامه وهو يرسمها ودمعت عيناها على فراق إنسان لم تره من قبل ولكنه وهبها نور الحياة واحبها حتى دون أن يرها
ولم تكن هذه هى المفاجأة الوحيدة التى كانت في انتظارها ففوق مكتبه كان هناك كتاب مفتوح من الواضح انه آخر كتاب قرأه الشاب قبل الحادث ويا لهول المفاجأة فقد كان أخر كتاب قرأته قبل أن يخبو نور عينيها والصاعقة الكبرى انها تركته على نفس الصفحة التي ترك الشاب الكتاب عليها يوم الحادث
ترى .. ما الذي جمع بينهما حتى دون ان يلتقيا ؟ أهو الحب ؟ وكيف وهو لم يرها طيلة حياته ؟ وكيف كانا يفعلان أشياء عديدة فى آن وواحد وبنفس الصورة تقريبا ؟ وما الذي ربط بين روحيهما ؟
بالتأكيد ما كان بينهما اكبر من أي وصف أو كلام .. بل أكبر من مجرد حب
إنه عشق الروح الذي سخرنا منه واعتقدنا بعدم وجوده بل تمادينا في عشقنا للجسد فقط ونسينا المقولة الشهيرة التى قالها عمنا عبد الوهاب : وعشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فانى
وهذه القصة اكبر دليل على ذلك فشاب يهب فتاة نور الحياة ويموت تاركاً وراءه حب ولد فى قلبها بعد موته وفتاة وجدت الحب من شاب لم تتلق به أبداً ووجدت صورتها معلقة على جدار حائطه بعد أن علقها على جدار قلبه
إنه الحب الأبدى

أنا اللى مش عارف أقول إيه لذوقكم العالى وتقديركم الزائد يا باسام انت ومي
بس أنا سبق وقولت إن الواحد بيحب ينقل الحاجة اللي بيحس بيها للناس اللى بيحبهم علشان دى بتيقى وسيلة للتقريب بينهم أكتر
أشكركم كمان مرة ومش لاقى رد يوفى كلامك الرقيق
ونلتقى بعد الفاصل